أسامة سلام الإعلامي الذي وهب روحه لمدينته

“(اوصته بالحفاظ على نفسه وأخبرته بمدى حبها وشوقها اليه وللعودة إلى تعز) هذه آخر الرسائل بين الصحفي اسامة سلام ووالدته قبل مقتلة.”

 

ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي 27 من يناير 2018، قتل المصور الاعلامي اسامة سلام عندما استهدفه مسلحوا جماعة الحوثي اثناء تغطيته للمعارك بين القوات الحكومية الموالية للرئيس هادي ومسلحي الجماعة في الجبهة الشرقية بتعز، ويأتي ذلك بعد أيام فقط من مقتل المصور الصحفي محمد القدسي، وإصابة الصحفي بشير عقلان، بنيران الحوثيين، في منطقة الخيامي بالمحافظة ذاتها.

 

الصحفي اسامة سلام ناشط حقوقي ومصور صحفي قتل وهو يبلغ من العمر 41 عام. ولد في محافظة صنعاء ودرس بكلية التجارة والاقتصاد بجامعة الحديدة، وكان له اسهامات كبيرة في ممارسة الانشطة الطلابية، حيث كان رئيسا لاتحاد طلاب كلية التجارة ونائبا لرئيس اتحاد طلاب جامعة الحديدة.

وبعد مقتل أسامة ساءت حالة والدته الصحية والتي كانت حينها في مصر برفقة والده وأخيه واخته التي كانت تحضر الدكتوراه، لم تستطع والدته العودة الى تعز لتوديع ولدها، وفي منتصف شهر ديسمبر من العام الماضي قررت والدته العودة إلى تعز الا ان حالتها الصحية ساءت عند تذكرها لولدها حيث أدخلت الى العناية المركزة، وفي ال 19 من ديسمبر توفت هناك ونقل جثمانها إلى تعز ودفنت إلى جوار ولدها.

 

وعبرت جلاء العبسي وهي إحدى قريبات الصحفي اسامة عن اعتزازهم وفخرهم بأسامة الذي قتل وهو يحاول أن ينقل معاناة أبناء تعز والجرائم التي يمارسها الحوثيين ضد المدنيين، وترك خلفة زوجته وطفل لم يتجاوز الخامسة، حيث عمل أسامة مع مجموعة من رفاقه على العمل الإنساني والحقوقي ، واقترن إسمه في كثير من المواقف الإنسانية ، والوقفات الحقوقية ، والتوثيق والرصد .

 

وقتل اسامة وهو يحمل قضية تعز، يوثق قبح جماعة الحوثي وجرائمها ضد المدنيين في تعز، وقتل قبلة رفيقة محمد القدسي، ولحقته رفيقته ريهام البدر ومؤمن المخلافي الذين حملوا نفس قضيته ونضاله .

 

الاعلامي يزن السوائي أحد أصدقاء اسامة قال تعرفت على اسامة سلام في ساحة الحرية بتعز ابان ثورة ١١ فبراير عرفته شاب يمتاز بمواصفات قائد ثوري يستطيع التأثير على من حوله، ويجيد فن التفاوض مع الخصم او مع من حوله ويخرج بنتائج وحلول لكل اشكالية تحدث.

 

كانت علاقتي مع الاخ اسامة قوية جدا وخصوصا بعد ثورة ١١ فبراير وفي عام ٢٠١٤ اسسنا فريق شباب وشابات تعز وكان الاخ اسامة من قيادة هذا الفريق وكنا ننفذ العديد من الانشطة الثورية والانسانية كالاعتصامات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية واللقاءات مع الاحزاب والشخصيات المهمة والمسؤولين لمناصرة الكثير من القضايا الحقوقية والانسانية في محافظة تعز برفقة العديد من الزملاء، في الوقت الذي كان اسامة اكثرنا حماسا وتفاعل وحركة وتفاؤل وخصوصا فيما يتعلق بالجانب الإنساني وفق ما يقول السوائي.

 

ويضيف  كان اخر لقاء لي مع اسامة سلام في صالة عزاء اخر يوم صديقنا الاعلامي محمد القدسي وجلسنا مع بعض وصباح اليوم الثاني دخلت النت كعادتي اقرأ منشورات في الفيس بوك عن مقتل اسامة سلام حاولت اتجاوز المنشورات واكذبها واقول بيني وبين نفسي كذب لأننا لم نفق من صدمة مقتل صديقنا محمد القدسي فاتصلت لأخي صادق السوائي فاكد لي الخبر بقوله  اسامة استشهد… يالله مسكت على راسي و كانت فاجعة وصعقة لم تحدث لي من قبل، كان مقتل محمد القدسي قبل اسامة بثلاث ايام وفي اليوم الرابع يقتل أسامة لم استوعب ما حدث وما زلت اتذكر كل لحظة عشناها معا وكأنهم مازالوا على قيد الحياة.

 

المصور الاعلامي حمزة مصطفى قال عرفت اسامة قبل الحرب تحديداً في 2013 وكنت في كل فعالية احضر لتغطيتها كان حاضراً ومشارك ولا يترك الوقت يمر دون ان يخدم مدينته.

 

وعند بدء انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة والسيطرة المسلحة على العاصمة صنعاء ما زلت اتذكر كيف كانت روحه نشيطة ونحن نعد الفعاليات الرافضة لذلك.

 

وفي 21 من سبتمبر عند اقتحام الحوثيين صنعاء تجمعنا وسط مدينة تعز وبدانا في كتابة الشعارات، كان اسامة رحمة الله معنا، اتذكر اسامة وهو في الصف الاول يقود التظاهرة

 

عاد الجميع للمنزل آنذاك وبقى اسامة سلام وانا وعدد بسيط ربما كنا 11 شخص فقط، كان اسامة يمدنا بالأمل في كل مره، كان نشيطاً مفعم بالنضال والحيوية.

 

وفي عزاء محمد القدسي بتاريخ السادس والعشرين من يناير ٢٠١٨م كان اسامة سلام حاضراً وهمس في اذني وقال لي ” بكرة نروح شرق المدنية نوثق ” قلت له تمام اتصل بي صباحاً.. لكنه لم يتصل.. اتصل صديق قال لي (اسامة قتل) ، لم نكن قد تخلصنا من الصدمة التي منينا بها برحيل محمد ولحق به أسامة. يا للفجيعه.

مديرية التعزية, محافظة تعز, اليَمَن.