حضرموت : العصا الغليظة على الصحفيين

” رفضوا الافراج عني وعن زميلي زكريا الا بعد توقيع تعهد بعدم تغطية أي وقفة احتجاجية ” هكذا يصف معتز النقيب مراسل قناة يمن شباب في حضرموت احداث الاعتقال التي تعرض لها هو وزملائه زكريا محمد مراسل قناة المهرية والصحفية هاله فؤاد اثناء ذهابهم لتغطية الوقفة الاحتجاجية الشعبية المطالبة بتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي بمحافظة حضرموت.

محافظة حضرموت التي شهدت طفرة في المجال الاعلامي وتحديدا بعد تحريها من قبضة تنظيم القاعدة في نهاية العام 2015 م حيث ازدهر المشهد الإعلامي وتأسست العديد من المؤسسات الإعلامية والقنوات والمواقع الاخبارية والاذاعات المحلية تصنف اليوم بأنها أحد أكثر المحافظات انتهاكا لحرية الصحافة والتضييق على الصحفيين.

وفي ظهر الخميس قبل الماضي أقدمت قوات أمنية على اعتقال ثلاثة صحفيين وهم معتز النقيب مراسل قناة يمن شباب وزكريا محمد مراسل قناة المهرية والصحفية هاله فؤاد باضاوي اثناء توجههم لتغطية الوقفة الاحتجاجية الشعبية التي تنفذ كل خمس للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي وإعادة فتح مطار الريان بالمحافظة، وهي خطوة تضاف إلى سلسلة من الانتهاكات التي حدثت في المحافظة حيث ما يزال الصحفي والمصور عبدالله بكير رهن الاعتقال منذ الخامس من مايو من العام الماضي 2020 م .

تعاملوا معنا كمجرمين !

ويصف الصحفي معتز النقيب لحظة اعتقاله بالقول ” اثناء نزولنا انا وزميلي زكريا مراسل قناة المهرية الفضائية ظهر الخميس إلى وسط المكلا لتغطية الوقفة الاحتجاجية الشعبية واثناء اقترابي من مكان الوقفة الاحتجاجية التي تقام امام بوابة ديوان المحافظة وقبل حتى ان نخرج الكاميرا تفاجأنا بقدوم مجموعة من الجنود نحونا من الخلف وهم يصرخون بأعلى صوت : هولا صحفيين خذوهم فوق الطقم العسكري”. يواصل ” تابعنا طريقنا ولم تمر سوى لحظات حتى جاءت مجموعة أخرى من أمامنا ودون مقدمات طلب منا الصعود إلى الطقم العسكري، وعندما تسألنا عن السبب لم يجيبوا وأصروا على أخذنا إلى مبنى مديرية المكلا. حاولنا معرفة السبب الا انهم أصروا على اخذنا على المديرية.

وعقب وصول الصحفيين إلى المديرية تبين لهم ان منفذي الوقفة الاحتجاجية أيضا قد تم اعتقالهم، يضيف معتز ” نحن لم نبدأ التصوير وما زالت الكاميرات والاقلام في حقائبنا”

وعندما سألنا الضابط المسئول أجاب رد بصوت عالي ” لا تناقش هذه أوامر عليا، وبعد ما يقارب عشر ساعات حضر مجموعة من المحققين وتم التحقيق معنا واتهامنا بمجموعة من الاتهامات منها اننا نتبع أطراف خارجية، بعد ذلك تم تحويلنا للسجن المركزي حيث وضعنا بين المسجونين بتهم مختلفة من بينها القتل.

الصحفي زكريا محمد مراسل قناة المهرية يؤكد حادثة الاعتقال ويقول اعتقلنا بطريقة مخيفة ونقلونا إلى السجن المركزي بعدد من الاطقم العسكرية وكأننا مجرمين ولسنا صحفيين نحمل الكاميرا والقلم.

واضاف كان أكثر ما يركز عليه المحققين لماذا اتيت للتصور ونقل مثل هذه الوقفات التخريبية ولصالح من تعمل؟

 بحجة مهنتي الصحفية تم احتجازي!

الصحفية هاله تروي قصتها وكيف تم احتجازها حيث كانت قد تلقت طلب من عدد من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية لتغطيتها اعلاميا علما بأنها تنظم يوم الخميس اسبوعيا تقول ” قبل نزولي من السيارة وجدت الامن منتشر بشكل كبير، سالتهم عن السبب رد احد الجنود ان لديهم توجيهات من اللجنة العليا بالقبض على أي شخص يتواجد في هذا المكان .

توجهت هالة إلى مبني المديرية لمعرفة سبب منع إقامة الوقفة الاحتجاجية الا ان احدى الشرطيات طلبت منها النزول بالقوة من السيارة، وبعد مشادة كلامية اقتادتها إلى المبنى وكان ينتظرها هناك احد الضباط الذي سألها مباشرة: هل انتي معهم ؟ تقول : من تقصد؟ فقال ” المطالبون بفتح المطار.

تواصل هاله سرد روايتها للحدث، ” قلت له اني صحفية وحضرت لتغطية الفعالية وهذا عملي، قال خذوها واحتجزوها وسجلوا اسمها من ضمن الاشخاص الداعين للفوضى، كما حاولوا تفتيش هاتفها الشخصي .

 تعهد تحت الاكراه !

ويقول معتز النقيب أنه وبعد 30 ساعة من الاعتقال والتحقيق والارهاب النفسي طلب منه ومن زميله زكريا التوقيع على تعهد بعدم المشاركة بتغطية أي وقفة احتجاجية سواء كانت سلمية او سياسية الا انهما رفضا في البداية، ولكن مع استمرار الإصرار من قبل الامن ونتيجة لنصائح من الزملاء حتى لا يتم اتخاذ مزيد من الاجراءات القاسية ضدنا قمنا بالتوقيع.

من جهته يقول زكريا ” اجبروني على التوقيع لاسيما وقد شاهدت حجم التعنت من المسئولين في السلطة وما يكنونه من عداء تجاه الصحفيين وكل من يمارس حقه في انتقادها بل وتكيل له التهم كما حدث مع الزميل محمد اليزيدي الذي ما يزال مشرد عن اطفاله، وكذلك ما حدث مع المصور عبدالله بكير الذي ما زال معتقل منذ الـ27 من مايو من العام الماضي، وقد تم اعتقاله واخفائه قسرا ووضعه في زنزانة انفرادية في ظروف سيئة وغير إنسانية، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالته الصحية.

اما الصحفية هالة فلم تسلم هي الاخرى من ضغط الامن عليها لتوقيع تعهد بعدم مشاركتها في تغطيه الوقفات الاحتجاجية حيث تم تسليمها ورقة بيضاء فارغة لتكتب اسمها وتوقع فيها لكنها رفضت ذلك.

 حضرموت لم تعد بيئة صالحة للعمل الصحفي !

يؤكد نقيب الصحفيين اليمنيين بمحافظة حضرموت سالم شاحت ان محافظة حضرموت لم تعد تتوفر فيها بيئة صالحة للعمل الصحفي الحر والنزية ، وهذا تتحمل مسؤوليته كل الأطراف فالصحفي الموالي يزين للسلطة ولا يرى قبحاّ ولا تقصيراّ لها ، فيما الآخر المعارض لا يرى جميلا للسلطة وبين الطرفين ضاعت الحقيقة.

واضاف انه بسبب هذه التوجهات تعتقد السلطة أن العمل الصحيح هو اظهار محاسنها فقط فشدت الوثائق على من يبرز عيوبها وهذا سلوك غير قويم لا يساعد على وجود صحافة حقيقة تخدم المجتمع وتطوره.

وإن أسوأ الأمور الحجر على حرية الرأي ولجم الأفواه للتعبير عنه ونحن نرى في اعتقال زملاء الحرف والمهنة أثناء تأدية مهامهم وواجبهم المهني تكبيل للحريات نرفضه رفضاّ وندعو السلطات إلى تفهم دور الصحفي والإعلامي على الوجه السليم .

وحاول معد التقرير التواصل مع مدير امن محافظة حضرموت اللواء سعيد العامري لمعرفة اسباب تزايد حدة استهداف الصحفيين والتي كان اخرها اعتقال ثلاثة صحفيي ولم يرد على اتصالاتنا ، كما قمنا بالتواصل مع بعض الصحفيين المقربين من السلطة بمحافظة حضرموت ورفضوا التصريح بحجة ان ليس لديهم معلومات او ليس من المخولين بالرد .

58 انتهاك ضد حرية الاعلام في حضرموت !

ورصد مرصد الحريات الاعلامية 58 انتهاك ضد حرية الاعلام في محافظة حضرموت منذ نهاية العام 2015 م تنوعت بن اعتقال وتهديد وتعذيب حيث ما يزال المصور الصحفي عبدالله عوض بكير، معتقل في سجون السلطة منذ الـ27 من مايو من العام الماضي، وتم اخفائه قسرا ثم نقلة للسجن المركزي ووضعه في زنزانة انفرادية في ظروف سيئة وغير إنسانية، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالته الصحية، ما دفع السلطات لنقله إلى المستشفى مرتين.

اما الصحفي محمد عبدالوهاب اليزيدي، مراسل قناة “بلقيس” الفضائية، تعرض هو الآخر لممارسات تعسفية لم تنجُ منها أسرته أيضا. حيث قامت السلطات الأمنية بحضرموت باعتقال شقيقه، في محاولة منها لإرهابه وإيقافه عن نشر قضايا الفساد وانهيار الخدمات العامة في حضرموت. كما تعرض للتهديد والملاحقة ومحاولة اختطاف من قبل مسلحين بلباس مدني، اتضح في ما بعد انهم تابعون للاستخبارات العسكرية بحضرموت.

ورغم توجيه النائب العام بالتوقف عن ملاحقة الصحفي، إلا أن السلطات الأمنية أصدرت في اليوم التالي تعميمًا لكافة النقاط الأمنية، باعتقاله واعتقال صحفيين اخرين.