“قوات جماعة الحوثي خطفوني وسجنوني وعذبوني لأني صحافي”.. حوار مع يوسف عجلان

يروي الصحفي اليمني يوسف عجلان، البالغ من العمر ٢٩ عاماً ومن مواليد العاصمة صنعاء، تفاصيل إعتقاله منذ اكتوبر ٢٠١٦  في سجون جماعة الحوثيين في صنعاء لمدة عام، قبل إطلاق سراحه في ٢٣ نوفمبر ٢٠١٧ من خلال صفقة تبادل أسرى.

 

بدأ يوسف عجلان العمل الصحفي في العام ٢٠٠٨ منذ تأسيس صحيفة المصدر وإنشاء موقع المصدر أونلاين الإخباري، وتنصب موقع سكرتير التحرير لموقع المصدر أونلاين. بالإضافة لذلك عمل يوسف سابقاً كمراسل لموقع قناة العرب. وبعد إجتياح جماعة الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر من العام ٢٠١٤ وكثرة المضايقات والانتهاكات ضد الصحافيين، قرر عجلان ترك مهنة الصحافة واتجه إلى العمل كسائق سيارة أجرة اشتراها بعد أن باع ذهب زوجته واقترض مبلغاً من المال. ومع هذا، في مساء ال ١٣ من اكتوبر للعام ٢٠١٦ تم اعتقاله من أمام منزله لتبدأ رحلة إعتقاله في سجون الحوثيين.

 

حاورت مجلة صنعاء يوسف عجلان بعد إطلاق سراحه عبر حسابه في تويتر، وأخبرنا تفاصيل عديدة عن إعتقاله. نترك لكم ما سرده لنا:

 

قبل إعتقالي بساعات، كنت في مشوار في سيارتي، سيارة التاكسي، رفقة زوجتي مساء الثالث عشر من أكتوبر 2016، و عرجنا على بيتنا حتى تأخذ زوجتي بعض الأشياء ثم أقوم بعدها بإيصالها إلى بيت أهلها. أنتظرت زوجتي في السيارة أمام منزلنا الذي يقع جوار جامعة صنعاء، وفجأة جاء مسلحون بلباس عسكري على متن طقم (عربة عسكرية)، ووجهوا أسلحتهم تجاهي.

 

صعد أربعة منهم في سيارتي التاكسي وبنادقهم مصوبة نحو رأسي، طلبوا مني ان أسوق واذهب معهم إلى قسم شرطة “الحميري.” احتجزوني في قسم الشرطة لمدة ستة ساعات قبل ان يأتي مسلحين إثنين بلباس مدني، فقاموا بأخذ معلوماتي الشخصية والتحقيق معي، ثم نقلوني في تاكسي إلى البحث الجنائي.

 

في البحث الجنائي قضيت ليلتي الأولى مع عشرات السجناء الجنائيين في حوش مفتوح بدون غطاء.  رفضوا الحراس هناك إعطائي فرش أو بطانية (لحاف) رغم البرد القارس. بقيت هناك حتى اليوم الثاني، ثم بدأت التحقيقات عصر الرابع عشر من أكتوبر. وضعت الكلابش بيدي وتم تغطية عيني وتم التحقيق معي لمدة سبعة ساعات وجسدي يتلقى الضرب بشكل مستمر. بعدها نُقِلت إلى زنزانة انفرادية مع سجين آخر.

 

كانت مساحة الزنزانة لا تتجاوز ال 2×1 متر و كانت مليئة بالصراصير والقمل. بقيت محتجزاً لخمسة ايام اضافية دون أن يعطوني فرش أو بطانية، حتى علم اهلي بمكاني واحضروا لي بطانية وفرش وملابس لكن لم يُسمح لهم بزيارتي. بقيت في البحث الجنائي ستة وعشرون يوماً تم فيه التحقيق معي ستة مرات وفي كل مرة كنت أتعرض للضرب المبرح والتعذيب. أسوأ طرق التعذيب التي تعرضت لها كانت “طريقة الشوّاية”، حيثُ يقومون فيها بوضع “الكلابش” في اليدين، ثم توضع حديدة طويلة بين ركبتيّ، وتوضع الأيدي المكبلة مع القدمين، ويقومون بتعليقي في هذه الحديدة بين مكتبين. والأفظع أنه تم تهديدي بالإغتصاب، وتهديدي بتصفية ابنتي وزوجتي ووالدي وشقيقي.

 

كانوا أيضًا يضربوني بالعصى، مع إبقائي طوال فترة التحقيق واقفًا، فترة قد تصل مدتها إلى 5 ساعات متواصلة. في اليوم السادس والعشرون بدأت رحلت نقلي إلى أكثر من سجن في صنعاء: بين قسم شرطة الحميري، والبحث الجنائي، ثم احتجازي في احتياطي الثورة، وجهاز المخابرات، مرورًا بالسجن المركزي، إلى سجن الشرطة العسكرية. تناقلت عدد من المواقع الإخبارية أنه “تم حجزنا في سجن الشرطة العسكرية كدروع بشرية حتى لا يتم قصف مواقع الحوثيين العسكرية،” لكننا في الحقيقة لم نكن نعلم هل كان وضعنا هناك حتى نكون دروع بشرية أم لا، ولكن في النهاية حصلت مجزرة تاريخ ١٣ ديسمبر بعد قصف مبنى الشرطة العسكرية وفيها العشرات من المعتقلين والمخفياً قسرياً من قبل القوات الحوثية. يتحمل المسؤلية على ذلك كلا الطرفين (الحوثيين والتحالف) حتى يتم التحقيق وتحميل طرف بعينه.

 

أتذكر جيداً أنه في بداية سجني كانت معنوياتي منهارة. مرارة السجن وحرماني من رؤية أسرتي، والتهديدات بالتصفية، كل ذلك تحت الضرب والتعذيب والاتهامات الكيدية، كان ألم لايطاق. حتى أول خمسة أشهر من إعتقالي كانت معنوياتي منهارة إلّا انه بعد ذلك ارتفعت معنوياتي واصبحت اشعر ان لا شيء يقلقني بوجود الله، وكذلك لان كل شيء قد عشناه ولم يعد هناك شيء قد يخيفنا.

فهمت وأنا في المعتقل أن العديد من الصحفيين كانوا موقوفين أيضاً. للأسف، مع أني كنت معهم في السجن لكن لم ألتقِ بهم. بإستثناء الصحفي عبدالله المنيفي الذي إلتقيته مرة واحدة في سجن إحتياطي الثورة في صنعاء، والصحفي توفيق المنصوري الذي رأيته مرة واحدة في سجن الأمن السياسي أثناء الزيارات العائلية، إلا أنني لم أتمكن من السلام عليه لأنه كان ممنوع علينا السلام او الحديث مع أي سجين أخر ليس معنا في نفس العنبر الخاص بنا.

سبب إعتقالي وإعتقال زملائي الصحفيين هو عملنا في المجال الصحفي. وجهوا لي الحوثيين تهمة العمل في المجال الإعلامي مع موقع المصدر أونلاين الذي يعد مناوئاً لهم، وإتهموني أني اعمل مع السعودية واستلام رواتب منهم، رغم أثباتي لهم بأني قد تركت عملي الصحافي وتوجهت للعمل في التاكسي.

 

هذا العداء تجاه الصحافة يرجع إلى كمية التحريض الذي قام بها عبدالملك الحوثي ضد من يعمل في المجال الصحفي البعيد عن تحكمهم. ولكن ماذنب الصحفي الذي لم يحمل في يديه الا قلم حر يكتب به ما يحدث من إنتهاكات!

 

المطلوب الأن هو أن نسعى في خلق حملات مدافعة ومناصرة لقضية المعتقلين زملائنا الصحفيين في سجون الحوثيين دون أي مبرر. على المنظمات المحلية والدولية المختصة في حقوق الصحافيين الضغط على الامم المتحدة والعمل على خلق أهتمام دولي واسع  للضغط على الحوثيين للافراج عن زملائنا خصوصا انه تجاوز سجنهم العام أوالعامين والنصف وكذا اصابة بعضهم بامراض أو تعرضهم للإعاقة بفعل التعذيب مثل عبدالخالق عمران الذي اصيب بشلل جزئي وصلاح القاعدي الذي فقد السمع في إحدى أُذنيه.