محمد العبسي: دفع حياته ثمنا لكتاباته الصحفية
محمد عبده العبسي، صحفي يمني بارز عُرف بشجاعته في تتبع ملفات الفساد، خصوصًا في قطاعي النفط والغاز. تناول خلال مسيرته العديد من القضايا الحساسة، وكان قبيل وفاته يعمل على تحقيق يتعلق بفساد واسع في شركة النفط (فرع صنعاء)، حيث تورط فيه قياديون بارزون في جماعة الحوثي. لم تكن رحلته المهنية سهلة؛ فقد واجه مضايقات وتهديدات متكررة، بالإضافة إلى اعتقاله عدة مرات بسبب مواقفه الجريئة وسعيه الدائم لفضح الفساد.
بدأيه القصة:
في مساء 20 ديسمبر 2016، تناول الصحفي محمد العبسي العشاء مع مجموعة من أصدقائه في أحد المطاعم بحي الدائري. وعند وصوله إلى منزله، أفادت شقيقته صفاء بأنه كان بحالة صحية سيئة، حيث بدأ بالتعرق الشديد وسقط على الأرض، ثم تشنج جسمه وبدأت تخرج رغوة من فمه، مما أدى إلى وفاته قبل وصوله إلى المستشفى.
بعد الشكوك حول وجود شبهات جنائية في مقتل العبسي، طالبت أسرته بتأجيل تشييع ودفن جثته، التي كانت قد حددت موعداً له، وطلبت تشريح الجثة لمعرفة السبب الحقيقي لوفاته المفاجئة.
تم تشكيل لجنة طبية للتحقيق في وفاته والتي أجرت الفحوصات بالأردن. وأعلنت اللجنة في 5 فبراير 2017 أن العبسي قُتل مسموماً بغاز أول أكسيد الكربون، حيث تم العثور على مادة الكاربوكسي هيموغلوبين في دمه بنسبة قاتلة بلغت 65%.
بعد أخذ عينة من الجثة للفحص، حددت أسرة العبسي يوم الجمعة 13 يناير 2017 موعداً لتشييع جثمانه في مقبرة الكرامة بمنطقة سواد حنش بصنعاء.
تهديدات:
الصحفي محمد العبسي تلقى تهديدات بالقتل من قبل مجهولين حسب ما أفادت أسرته. كما قامت جماعة الحوثي بمداهمة منزلة في مارس 2016 اثناء سفرة للخارج وتصريحات له مناهضة للجماعة
وفي الأيام الأخيرة من حياة العبسي كان يعمل على تحقيقات استقصائية، تتناول قضايا خطيرة ووثائق فساد تدين الحوثيين ومتنفذين، خاصةً تلك التي تتعلق بالنفط والسلاح.
مغادرة اسرته:
تعرضت أسرة الصحفي العبسي خلال تلك الفترة لعدد من التهديدات والملاحقات والمضايقات المستمرة من قبل اشخاص مجهولين عبر الاتصالات والملاحقات او المراقبة من قبل أشخاص مجهولين وبعضهم على هيئة مختلفين عقليا. بهدف تخويفهم وايقافهم عن البحث في كشف الاسباب الرئيسية لمقتل محمد.
اضطرت اسرة الصحفي العبسي للخروج خارج اليمن خوفا من بطش جماعة الحوثي، بعد الكثير من التهديدات والملاحقات وتدمير قبرة من قبل أشخاص مجهولين، بهدف تخويفهم وايقافهم عن البحث في كشف الاسباب الرئيسية لمقتله.
وقالت صفاء شقيقة الصحفي “تعرضنا للمراقبة والملاحقة من قبل أشخاص على هيئة مختلين عقليا (مجانين) ومعرفة كل من يدخل أو يخرج من البيت، كما تعرضت شقيقتها للملاحقة من قبل شخصين بدأت عندما كانت في زيارة لقبر أخيها إذ سألها أحد الأشخاص هذا قبر الصحفي فقالت لة نعم ،وبعد أن قرأت الفاتحة على قبر اخيها اذا بشخصين قاما بملاحقتها وعندما ركبت التاكسي واصلا الملاحقة عبر تاكسي اخر وحاول سائق التاكسي الذي كان يقلها الهروب منهم وعندما وقفت أمام مدخل الشارع المجاورة للمنزل حاول أحد الأشخاص فتح الباب عليها وخرجت أخت الصحفي لتصرخ امام الناس ولاذا بالفرار.
أيضاً لم يسلم قبر الصحفي العبسي من العبث فقد تعرض للعبث في أكثر من مرة من خلال شطب بعض ملامح القبر وتلطيخ القبر بالطين ومن ثم تدميره.
مماطلة القضية:
بعد عام من مقتله اتهمت أسرة الصحفي العبسي نيابة البحث الجنائي بأمانة العاصمة وسلطات الضبط وجمع الاستدلالات بالمماطلة وعدم التجاوب مع القضية. حيث رفعت الشكوى الى النائب العام الموالي لجماعة الحوثي تتضمن اتهاما بالتقصير والمماطلة في القضية.
وقالت قبول شقيقة الصحفي العبسي
“بعد ست سنوات من اغتيال شقيقي توقفت إجراءات القضية بعد رفعها للنيابة، وفي بداية عام 2022 بلغنا بشكل رسمي أن النيابة أصدرت قرار بحفظ ملف القضية لعدم كفاية الأدلة”.
احد محامي الدفاع عن الصحفي (رفض ذكر أسمة) أكد لنا إن السلطات القضائية تعاملت مع قضية العبسي بنوع من اللامبالاة، مشيراً إلى أن ملف القضية استمر في مرحلة جمع الاستدلالات في المباحث الجنائية ثلاث سنوات، وأن القضية خضعت للمماطلة في الإجراءات القانونية واستدعاء المتهمين الأولين للمثول أمامها، ويضيف أنه وبعد مرور ثلاث سنوات أخرى على إحالة الملف إلى النيابة، لم تتخذ أي إجراء، على الرغم من تقديم طلبات لاستيفاء بعض النواقص لعضو النيابة عبد السلام الظاهري الذي ترك ملف القضية في المنزل.
وأضاف المحامي أنه بعد تلقيهم قرار المحكمة بإيقاف القضية لعدم كفاية الأدلة، قمنا بتقديم للنيابة بتسليمنا نسخة من القرار كي يتسنى لنا اتخاذ إجراءات الطعن فيه، فإذا بنا نجد إفادات المختصين متناقضة بين من ينفي صدور أي قرار في القضية ومن يفيد بعدم وجود ملف القضية أصلاً.
أما صفاء فقد قالت
“مرت سبعة أعوام على عملية اغتيال شقيقي الصحفي اليمني محمد عبده العبسي ولم يكن هناك أي محاسبة أو مطالبة حقيقيه بالتحقيق ومحاسبة الجناة رغم توفر الكثير من الأدلة الواضحة”.
وأضافت ان البعض من الصحفيين يخشون من تناول القضية أو الحديث عنها بشكل واضح خوفا من أن يلاقوا ذات المصير وتصبح القضية ذات رقم كغيرها من القضايا التي أصبحت مجرد ارقام .
ادانات دولية ومحلية:
طالبت أكثر من 30 منظمة محلية ودولية معنية بحرية الصحافة والتعبير وحقوق الانسان، من بينها منظمة مراسلون بلاحدو، بضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية في قضية مقتل الصحفي الاستقصائي محمد العبسي،
وعبرت المنظمات عن قلقها في عدم قيام السلطات التابعة للحوثيين (انصار الله) بالتحقيق في أسباب مقتل الصحفيين وعدم محاسبتهم وعدم اجراء تحقيقات توضح منهم الاشخاص والاطراف التي مارست هذا الانتهاك وعدم ملاحقتهم قضائيا وجنائيا على الصعيدين المحلي والدولي، كل هذه الاسباب شجعت جميع الاطراف والافراد لارتكاب الجرائم لأنه ليس هنالك رادع او عقاب نالة المجرمون السابقون وبذلك ستستمر هذه الانتهاكات في حال استمر الافلات من العقاب.
الصحفي محمد العبسي احد الصحفيين المتخصصين في مجال الصحافة الاستقصائية، عمل في مؤسسة قرار للإعلام والتنمية المستدامة ، وكتب عن كثير من قضايا فساد ، و كان يقوم قبل وفاته بمتابعة إعداد ملف قضية فساد كبرى تتعلق بشركة النفط (فرع صنعاء) والمتورطين فيها مسئولين كبار في جماعة الحوثي ،كما تعرض للكثير من المضايقات والتهديدات وتعرض للاعتقال اكثر من مرة