بيان صحفي: إعلان الفائزين بجائزة الشجاعة الصحفية لعام 2024
يمر اليمن منذ بدء الحرب عام 2015 وحتى اليوم بمرحلة تعد الأسوأ بالنسبة لحرية الصحافة والعمل الإعلامي، وهو ما شكل بيئة عمل محفوفة بالمخاطر والتحديات خاض فيها الصحفيون والصحفيات نضالات كبيرة، وقدموا تضحيات جسيمة من أجل نقل المعلومات والوقائع إلى الجمهور، فكانت الصحافة حاضرة بمختلف وسائلها وأدواتها وأشكالها ومواكبة للتطورات بكل تفاصيلها وتداعياتها وهو حضور متميز واستثنائي لم يكن ليحدث لو لا شجاعة الصحفيين والصحفيات وتفانيهم المهني في خدمة الحقيقة وتصدرهم لمشهد إعلامي ارتبط بالتعتيم والمحاذير والخطوط الحمر، فألقوا الضوء على بقع العتمة، وحولوا المحاذير إلى فرصة للتذكير بقيم المهنة وأحقية الناس في الحصول على المعلومات، وجعلوا الخطوط الحمر تتلاشى بفضل تسلحهم بالمعرفة وأخلاقيات الصحافة ومواثيق الشرف الإعلامي بكل جسارة واقتدار .
لقد أدرك الصحفيون/ات أهمية الكلمة الحرة وحق المواطنين في الحصول على معلومات دقيقة وموثقة، والدفاع عن حرية التعبير باعتبارها حقًا أساسيًا للمواطنين، وأحد أهم الركائز لأي مجتمع ديمقراطي حر، ولهذا كانوا يثقون أن ما يقومون به يصب في مصلحة المجتمع والبلاد ويسهم في تطوير تجربته الإعلامية.
لقد دفع الصحفيون والصحفيات كلفة باهظة الثمن خلال عشرة أعوام من الحرب في اليمن، حيث تعرض الآلاف منهم لصنوف شتى من الاستهداف والتنكيل تنوعت بين القتل، والإخفاء القسري، والاعتقال، والتعذيب، والتشريد، والمحاكمات الجائرة، وغيرها من الانتهاكات التي جعلت شريحة الصحفيين والصحفيات من أكثر الشرائح المستهدفة، وامتد ذلك إلى أسرهم والمقربين منهم.
والمؤسف أن هذا الوضع انعكس بصورة سلبية على المشهد الإعلامي ومستوى الثقة بين وسائل الإعلام والمواطنين لاسيما مع تزايد حدة الاستقطاب والتجييش التي تعرض لها الإعلام في اليمن من قبل مختلف الأطراف المتصارعة.
إنه ومنذ العام 2015 وثق مرصد الحريات الإعلامية أكثر من ألفين وخمسمائة انتهاك ضد صحفيين وعاملين في مجال الإعلام، مارستها جميع أطراف الصراع في اليمن، وبدرجات متفاوتة، من بين هذه الانتهاكات مقتل 54 صحفيًا وصحفية، و488 حالة اعتقال، 163 انتهاكًا مورس ضد مؤسسات إعلامية، وما يزال ستة صحفيين إما معتقلين أو مخفيين، وبعضهم يتعرض لمحاكمات صورية جائرة.
وتوقفت 165 وسيلة إعلامية من أصل 365، حيث كان للتهديدات والمضايقات والأزمة الاقتصادية دور مباشر في عدم قدرة العديد من وسائل الإعلام على الاستمرار والديمومة، في حين لجأت العديد من وسائل الإعلام إلى الانتقال للعمل في أماكن أخرى.
من المؤسف أن إقحام الصحفيين/ات في الصراع واستهدافهم امتد أحيانا إلى تسخير بعض أجهزة السلطات الأمنية والقضائية ضد الصحفيين والصحفيات، حيث جرت محاكمات تفتقر إلى شروط العدالة وتخالف القوانين والنصوص الدستورية والمعاهدات الدولية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان.
وإدراكًا لدور الصحفيين الشجعان الذين يواجهون المخاطر ويتحدون القمع لنقل الحقيقة، أعلن مرصد الحريات الإعلامية فتح باب الترشح لـ جائزة الشجاعة الصحفية لعام 2024 في شهر أغسطس الماضي.
الجائزة تهدف إلى تكريم الصحفيين الذين أظهروا شجاعة استثنائية والتزامًا بالقيم المهنية في ظل ظروف بالغة الصعوبة في اليمن.
وقد تقدم للجائزة 151 صحفيًا وصحفية من مختلف المحافظات اليمنية. من بينهم 123صحفيًا و28 صحفية، حيث أتيح للصحفيين والصحفيات إما ترشيح أنفسهم أو اقتراح مرشحين يستحقون الجائزة نتيجة شجاعتهم الاستثنائية.
وخلال الأشهر الماضية قامت لجنة التحكيم من أجل الجائزة التي شكلها مرصد الحريات الإعلامية التابع لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من سبعة خبراء في مجال الصحافة وحقوق الإنسان وهم (حسين باسليم، حمدي البكاري، خالد الحمادي، سونيا المريسي، محمد مندور، نبيل الأسيدي، هدى الصراري) بعقد سلسلة من الاجتماعات المكثفة لفرز وتداول أسماء الصحفيين المؤهلين لنيل الجائزة.
واعتمدت اللجنة في تقييمها على ثلاثة معايير للتأهل لجائزة الشجاعة الصحفية:
- العمل في المجال الصحفي: يجب أن يكون/ تكون المترشح/ة صحفيًا/ة أو عاملًا/ة في المجال الصحفي، سواء كان/ت يعمل/ تعمل لدى وسيلة إعلامية معروفة أو كصحفي/ة مستقل/ة.
- الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية: يجب أن يكون/ تكون المترشح/ة قد أظهر/ ت التزامًا بالمعايير الأخلاقية والمهنية في الصحافة، بما في ذلك الالتزام في نقل الحقائق وعدم التضليل.
- الشجاعة في العمل الصحفي: يجب أن يكون/ تكون المترشح/ة قد أظهر/ ت شجاعة خلال عمله/ ها الصحفي، متحملًا/ ة المخاطر الناتجة عن عمله/ ها الصحفي، مثل التهديدات الجسدية أو المعنوية.
وتمت عملية الاختيار للمتأهلين للجائزة وفق إجراءات دقيقة ومعايير صارمة من خلال ثلاث مراحل: مرحلة اختيار القائمة الأولية، مرحلة اختيار القائمة القصيرة، مرحلة الاختيار النهائي.
مع التأكيد من قبل لجنة التحكيم بأن تمنح الجائزة للصحفيين الأحياء في حين يتم منح الصحفيين الذين قتلوا وهم يناضلون من أجل الحقيقة وكشف الفساد وسام الشجاعة الصحفية.
أقرت لجنة التحكيم بالإجماع ما يلي:
أولا: جائزة الشجاعة الصحفية 2024 مناصفة بين كل من:
- الصحفي أحمد ماهر المعتقل في سجون الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في عدن، منذ أغسطس 2022 وحكم عليه بالسجن أربع سنوات، والذي عُرف بكتاباته وتصريحاته التلفزيونية التي انتقدت الواقع الأمني والمعيشي في مدينة عدن.
- الكاتب الصحفي محمد المياحي المعتقل في سجون جماعة الحوثي بصنعاء منذ سبتمبر الماضي، والذي تميز بكتاباته الجريئة في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية والاجتماعية.
يحصل الصحفيان على ألف دولار لكل منهما وهي القيمة المالية للجائزة البالغة ألفي دولار.
ثانيا: وسام الشجاعة الصحفية
قررت اللجنة منح وسام الشجاعة الصحفية للصحفي الراحل محمد العبسي؛ تقديرًا لدوره البارز في العمل الصحفي وتحقيقاته الاستقصائية، وفضح جوانب عديدة من أشكال الفساد بكل شجاعة واقتدار.
ختامًا:
رغم المخاطر التي تحيط بالصحفيين فإننا نقف إجلالًا واحترامًا لكل الصحفيين والصحفيات سواء أولئك الذين ترشحوا لنيل الجائزة أو أولئك الذين لم يترشحوا فجميعهم يستحقون التقدير والعرفان، وهم يعملون في هذه البيئة الخطرة ويثبتون سنة بعد أخرى بأنهم عند مستوى التحديات، وأن أصواتهم ستظل صدى الحقيقة في وجه الظلم.
نؤمن أن هذه الجائزة هي تكريم محدود ورمزي، كتعبير عن العرفان بشجاعتهم على أمل أن نرى مستقبلًا أفضل لحرية التعبير في اليمن وهي تحية أيضا لكل العاملين في مجال الدفاع عن الحقوق والحريات الإعلامية.
كما يعلن مرصد الحريات الإعلامية تحويل الجائزة إلى حدث سنوي تكريمًا للصحفيين الشجعان الذين يواجهون المخاطر والتحديات لنقل الحقيقة، مؤكدين أن الصحافة الحرة هي حجر الزاوية لأي مجتمع يسعى إلى الحرية والعدالة ويشكر المركز لجنة الجائزة لهذا العام والمكونة من:
حسين باسليم
حمدي البكاري
خالد الحمادي
سونيا المريسي
محمد مندور
نبيل الأسيدي
هدى الصراري
صادر عن:
مرصد الحريات الإعلامية في اليمن
بتاريخ 10 ديسمبر 2024