تقرير الانتهاكات ضد الحريات الإعلامية خلال النصف الأول من عام 2024

في اليمن، يواجه الصحفيون والصحفيات تحديات هائلة حيث يتعرضون لانتهاكات خطيرة وضغوطات تقييدية تجعل من ممارسة عملهم صعبة ومحفوفة بالمخاطر. يُتهم أي شخص ينتقد الفساد المستشري والوضع المعيشي والاقتصادي الصعب بتهم جسيمة كالإرهاب، وزعزعة الأمن دون وجود أي دليل قانوني أو إثبات قاطع.

من خلال ما رصدناه من انتهاكات والقضايا التي يتابعها فريق المرصد نستطيع القول أن الصراعات الدائرة في البلاد قد أدت إلى تسخير السلطات الأمنية والقضائية لخدمة مصالح الأطراف المتصارعة، مما يساهم في تجاوز القوانين اليمنية والمعاهدات الدولية المتعلقة بحريات الرأي والتعبير وحقوق الإنسان. هذا الوضع يعكس تدهور حالة حرية الصحافة وانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.

لا يوجد وصف لواقع الصحافة في اليمن وما يترتب عليه من ممارسات تبدو لنا ممنهجة ووحشية في الوقت ذاته، سوى أنها تسعى إلى إرهاب الصحفيين والناشطين، لإسكاتهم عن نقل الحقيقة للناس. حيث يتم استجوابهم والتحقيق معهم، ومحاكمتهم في محاكم غير مختصة، تتصدرها المحاكم الجزائية المتخصصة “بأمن الدولة والإرهاب”، وهي محاكم لا تتخصص في النظر في مثل هذه القضايا، التي من المفترض أن تُحال إلى محاكم الصحافة والنشر، وفقاً لقانون الصحافة والمطبوعات اليمني رقم (25) لسنة 1990م.

وفقًا للقانون اليمني، تُعتبر تهم الإرهاب وزعزعة الأمن، وتشكيل جماعات مسلحة من التهم الخطيرة وغير المسبوقة خصوصاً تُهم التخابر مع دول اجنبية  التي قد تُنهي حياة الصحفي وتهدد أسرته، حسب ما نصت علية المادة 2/128 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني، بالاعدام “كل من سلم دولة اجنبية او احد ممن يعملون لمصلحتها باية صورة وباية وسيله اخبار او معلومات او اشياء او مكاتبات او وثائق او خرائط او رسوما او صورا او غير ذلك مما يكون خاصا بالمصالح الحكومية او الهيئات العامة او المؤسسات ذات النفع العام وصدر امر من الجهة المختصة بحضر نشره او اذاعته”

إن إفلات المجرمين من العقاب، وعدم محاسبتهم، يزيد من حدة استهداف الصحفيين دون خوف من العقاب، ويؤدي إلى تطور اتهامهم بتهم جسيمة دون أدلة أو إثبات، ودون الانصياع للقوانين والمواثيق اليمنية والدولية.

ساهمت هذه الانتهاكات، والتي تجاوزت أكثر من ألفين وخمسمائة انتهاك منذ عام 2015، في تضييق مساحة الحريات الإعلامية بشكل لافت. تُظهر نتائج الرصد أن العمل الإعلامي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية أصبح محفوفًا بالمخاطر، نظرًا للتضييق على الحريات الإعلامية من قبل أطراف حزبية، ومتنفذين من السلطات الأمنية والعسكرية.

أما جماعة أنصار الله الحوثيين، فهي الأكثر انتهاكًا لحرية الصحافة، حتى باتت المناطق الخاضعة لسيطرتها خالية من جميع الوسائل الإعلامية المستقلة والخاصة والحزبية. توقف الكثير من الصحفيين عن العمل، وتمكن بعضهم من الفرار إلى مناطق أخرى، فيما يعيش من بقوا في مناطقهم في ظل الخوف ويعملون تحت أسماء مستعارة.

خلال الستة الأشهر الأولى فقط من العام 2024، رصد مرصد الحريات الإعلامية 38 انتهاكًا، من بينها 17 انتهاكًا يتعلق باستجواب ومحاكمة صحفيين وصحفيات.

هذا التقرير يُسلط الضوء على تلك الانتهاكات ويعكس الوضع الراهن لحرية الصحافة في اليمن، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لدعم حقوق الصحفيين وضمان سلامتهم.

للاطلاع على التقرير اضغط هـنـا