جلسة: مستقبل الصحافة

عُقدت الجلسة الأولى من مؤتمر الإعلام اليمني الثالث، حيث تم مناقشة “مستقبل الصحافة.. العمل في بيئة تتسم بالتهديدات الجسدية والرقمية”. تناولت الجلسة، التي شارك فيها مجموعة من الصحفيين والمتخصصين، خمسة محاور مختلفة تسلط الضوء على واقع الصحافة في اليمن.

وفي هذا السياق، قدم المدير التنفيذي لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، محمد إسماعيل، عرضًا متكاملًا حول الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون على مدار السنوات العشر الماضية، والتي فاقت 2500 انتهاك، بما في ذلك 54 حالة قتل لم يحاسب مرتكبوها.

كما أشار إسماعيل إلى أن جميع الأطراف المتصارعة في اليمن قد ارتكبت انتهاكات متنوعة ضد الصحفيين، ولا يزال ستة صحفيين قيد الاختفاء القسري، بينما يواجه البعض الآخر محاكمات في محاكم غير مختصة مع اتهامات خطيرة مثل الإرهاب وزعزعة الأمن، مما يهدف إلى إسكات أصوات الصحافة.

وأوضح إسماعيل أن هذه الظروف الصعبة أثرت سلبًا على ممارسة العمل الصحفي، مما دفع العديد من الصحفيين إلى استخدام أسماء مستعارة، بينما توقف البعض عن العمل تمامًا أو غادروا البلاد أو انتقلوا إلى أماكن أخرى داخل اليمن. كما أشار إلى أن جماعة الحوثي تعد الأكثر انتهاكًا لحرية الصحافة، حيث أصبحت العديد من المناطق خالية من الصحافة المستقلة والحزبية، وعملت على حجب أكثر من 200 موقع إخباري على الإنترنت.

كذلك، مارست المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية وأطراف أخرى انتهاكات مماثلة ضد الصحفيين، حيث تعرضوا للاعتقالات والملاحقات والرقابة.

في سياق الدعم، ذكر إسماعيل أن المرصد يقدم مساعدة عاجلة للصحفيين مجانًا، تشمل الدعم القانوني والدفاع أمام الجهات الأمنية والقضائية، بالإضافة إلى استشارات قانونية تساهم في تجنب المشاكل القانونية قبل نشر التحقيقات. كما يوفر المرصد جلسات دعم نفسي وخدمات استشارية رقمية من خبراء لمساعدة الصحفيين في مواجهة التهديدات وعمليات الاختراق.

ناقش الصحفي حمدي البكاري، المراسل لقناة الجزيرة، خلال المؤتمر أساليب التهديدات المتعددة التي يتعرض لها الصحفيون والصحفيات في اليمن. قدم البكاري عرضًا مستندًا إلى تجربته الواسعة في تغطية الأحداث، حيث أشار إلى التحديات الكبيرة والانتهاكات التي ترتكبها مختلف أطراف الصراع، بما في ذلك الاستهداف المباشر، والرقابة، والتجسس، بالإضافة إلى التهديدات الإلكترونية ومحاولات الابتزاز.

كانت جلسة البكاري جلسة تدريبية شاملة حول كيفية التعامل مع المخاطر، مؤكدًا على أهمية حصول الصحفيين على مهارات متعددة لمواجهة هذه التحديات.

وأوضح أن هذه المهارات يمكن اكتسابها من خلال برامج تدريبية مكثفة ومتنوعة. كما أبرز ضرورة التزام الصحفيين بوسائل السلامة، مثل ارتداء الدروع والخوذ واستعدادهم بمستلزمات الإسعافات الأولية، لتقليل المخاطر التي قد تواجههم أثناء أعمالهم.

من جهته، تناول المحامي جمال الجعبي في الجلسة القانونية النصوص التي تقيد عمل الصحافة في اليمن، موضحًا الجهود المبذولة للدفاع عن الصحفيين في عدن. وأشار الجعبي إلى كيفية استغلال النظام القانوني من قبل كافة الأطراف لقمع حريات الرأي والتعبير.

واستعرض المحامي في حديثه تجربته الشخصية في الدفاع عن الصحفيين، خاصة متابعته لقضية الصحفي المفقود ناصح شاكر في مدينة عدن، حيث تحدث عن كيفية تعامل السلطات الأمنية والجهات المختصة معه خلال عملية البحث عن الصحفي.

وأكد الجعبي أن القوانين المعتمدة في الرقابة على العمل الصحفي تبقى هي نفسها تلك التي استخدمت سابقًا من قبل الأطراف المتصارعة، مما يعكس استمرار وجود بيئة قانونية معادية لحرية الصحافة.

قدّم وهيب النصاري، رئيس تحرير موقع المشاهد نت المستقل، مداخلة تناولت تأثير الاستقطاب السياسي على تنوع وسائل الإعلام خلال الحرب الحالية في اليمن. استعرض النصاري المحطات التي مرت بها حرية الصحافة منذ عام 1990، مشيرًا إلى كيفية بدء الاستقطاب السياسي وسط الصراعات بين الحزب الاشتراكي وحزب المؤتمر الشعبي العام، ما أدى إلى تأثيرات سلبية على وسائل الإعلام والمراسلين.

كما تناول النصاري الأوضاع الطاحنة التي يواجهها الصحفيون في الوقت الراهن، حيث أدى الاستقطاب الإعلامي إلى تهميش وسائل الإعلام المستقلة والمحايدة. ففي صنعاء، تم إغلاق ونهب العديد من القنوات الفضائية المناهضة لجماعة الحوثي، كما حُجبت أكثر من 200 موقع إخباري. وفي السياق ذاته، أشار النصاري إلى ملاحقة المجلس الانتقالي الجنوبي للصحفيين، وإغلاق ومنع بعض القنوات من العمل أو تغطية الأخبار من مناطقهم.

اختتمت الجلسة الأولى بكلمة لفراس حمدوني، مدير برنامج أول بمعهد DT، الذي ناقش التحديات والفرص المتاحة للتعاون بين المنظمات الحقوقية. وأوضح حمدوني أنه على الرغم من قلة الدعم الخارجي للمنظمات المحلية، يمكن للعديد منها مواصلة العمل ضمن ما هو متاح. وقد أشار إلى حملات المناصرة الواسعة التي حققت نجاحات ملحوظة في مجال حقوق الإنسان.

وأضاف حمدوني أن المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان يمكنها الاستفادة من آليات المساءلة الدولية، مثل الاستعراض الدوري الشامل والإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، لتحقيق العدالة وإيصال قضايا الضحايا أمام المجتمع الدولي. وأكد المشاركون على أهمية تضافر جهود الصحفيين لدعم قضاياهم وحقوقهم في مواجهة الانتهاكات.

لمتابعة الجلسة كاملاً أضغط هـنـا