الصحفي يونس عبد السلام معتقل مرتين

تفاجأ والد الصحفي المختطف يونس عبد السلام باتصال من رقم ولده يسئله عن عمله وأنه محتجز دون الإفصاح عن مكان احتجازه يوم الاربعاء الموافق 4 من شهر أغسطس 2021 م
عاش والده ووالدته كابوساً من الرعب والقلق لأيام على مصير ولدهم المجهول .

انقطعت أخباره وزاد القلق أكثر فاكثر خاصة وأن يونس يعاني من حالة نفسية سيئة ” وسواس قهري” بقي الوالدان والاسرة مترقبة علّ خبر يأتي عن ولدهم المفقود حتى يوم الاربعاء الموافق 18 من نفس الشهر بعد مضي 14 يوما بعد أن ذهبت احدى المحاميات إلى جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء وأصرت عليهم أن يعطوها خبراً عنه فاعترفوا لها أنها موجود لديهم.

يقول الأخ الشقيق ليونس “سلطان عبد السلام” انه في مساء الاربعاء الموافق 4 من اغسطس 2021 خرج يونس كعادته للترويح عن نفسه خاصة وأنه يعاني من ” وسواس قهري” ولكنه لم يعد حينها , مضيفاً أنه في آخر تلك الليلة اتصلوا من تلفونه لأشخاص كثر من أقاربه وخاصة الفتيات، وفي اليوم التالي الخميس فتحوا تلفونه في العصر ورد علينا أحدهم وقال أنه محتجز معهم في الأمن والمخابرات، بعد ان بلغنا قسم شرطة 22 مايو والمباحث لكنهم لم يردوا لنا أي خبر عنه.

وأوضح سلطان ان تلفونه كان يفتح لدقائق معدودة بشكل يومي لكنهم لا يردوا على احد , بالإضافة الى صفحته على الفيس بوك التي كانت تفتح لعدة ايام وبعد ان بعثت له برساله لا تطمن عنه تم الرد ” لا تقلقوا أنا اشتغل قريب منكم ” ويرجح اخوه سبب فتح التلفون والفيس بوك بشكل يومي لمعرفة من يراسله .

ويستدرك حديثه ” انقطعت أخباره إلى أن ذهبت إحدى المحاميات يوم الأربعاء 18 / 8 /2021 إلى جهاز الأمن والمخابرات وأصرت عليهم أن يعطوها خبراً عنه فاعترفوا لها أنها موجود لديهم. مع اني في نفس اليوم اتصلت لهم على رقم شكاويهم ( 100 ) قاموا بأخذ بياناتي، وراوغوا ولم يعترفوا أنه لديهم وقالوا سيتواصلون بي إن علموا خبراً عنه لكنهم لم يتصلوا وظللت على تواصل معهم وكل يوم يوعدوني ويكذبوا.

اول زياره

يقول” سلطان” بعد مرور أيام من التواصل معهم تم السماح لي بزيارته والتي كانت اول زياره يوم الثلاثاء الموافق 28 /9 , تفاجأت لما شاهدته اول مرة وجهه المنهك والارهاق والتعب على ملامحه , زيارة قصيره دقائق معدودة ولست بمفردي بل برفقة عساكر وحين سألتهم عن التهمة رفضوا الافصاح عنها و بعدها منعنا من الزيارة لأكثر من شهر.

80 يوم في زنزانة انفرادية

ويؤكد سلطان ان يونس عبد السلام قضى 80 يوما في زنزانة انفرادية وبعد ان تم اخراجه منها تم السماح لهم بزيارة له كل نصف شهر , وبعد حديث معه قال انهم يتهموه بالتواصل مع جهات خارجية، وقد جهزوا له ملفاً كبيراً بكل كتاباته التي لا تروق لهم، وقال انهم اعتقلوه قرب مطار صنعاء وأدخلوه زنزانة تحت الأرض مظلمة وضيقة، وكان طوال الليل يسمع صراخ شديد لم يستطع النوم.
لافتاً ان يونس يعاني كثيراً من أزمته النفسية حالياً وقد أوصلنا تقرير طبي عن حالته الصحية إلى الحوثيين لكنهم لم يتجابوا معنا.
وأشار الى أن الحوثيين طلبوا ضمانة تجارية للإفراج عنه، وأوصلناها لهم قبل أربعة أشهر ولم يتم إطلاقه حتى الآن، وقالوا سيحيلونه للنيابة لمحاكمته.

حالته النفسية سيئة

من جهته يقول محمد المخلافي وهو احد الأصدقاء ليونس ان يونس صحافي وكاتب يمني، بدأت حالته النفسية بعد خروجه من إحدى معتقلات الانتقالي في عدن، تضاعفت حالته النفسية كثيرًا، حتى أصبح يمشي بملابس داخلية في شوارع صنعاء في ساعات متأخرة من الليل، وكان يحب العزلة كثيرًا، ولا يحب الجلوس او محادثة الاخرين .
ويصف المخلافي يونس بانه شاب نبيل وبسيط، وكاتبًا أدبيًا وصحفي حر لا يملك سوى قلمه وضميره، يعبر عن مواقفه بصدق وبلا تكلف، ينتقد مختلف التيارات السياسية ولا ينتمي لأي ايدلوجية حزبية او سياسية مشيرا الى انه يعاني من ضغوط نفسية منذ خروجه من المعتقل في عدن، وكان يتعاطى الادوية بسبب الاكتئاب الذي يعاني منه، ويخرج ليلاً يجول الشوارع لكي يخفف من همومه، وفي الثالث من أغسطس اعتقلته جماعة الحوثي دون مبرر او تهمة واضحة .
يونس عبدالسلام الصديق البائس دوماً، شبيهنا في هذه المدينة.. تعرف على يونس عبدالسلام في العام 2017 في صنعاء، ومنذ أول لقاء أدركت أنني أعرف يونس منذ سنوات طويلة، ربما لأن ظروف عيشنا في الريف متشابهة.

شاب ملهم وطموح

ويقول عصام القدسي يونس الصديق الوحيد الذي يكتب كل ما بداخلنا، يكتب معاناتنا ، وبؤسنا، وأوجاعنا اليومية، وحده يمثل الطبقة المسحوقة القادمة من الريف بأحلام كبيرة إلى المدينة فتعثرت وغرقت بالخيبة كغيره من شباب كلية الاعلام تخرج يونس عبدالسلام إلى واقع مأساوي، وحرب تطحن المدن، ولأنه متمرد على كل شيء، لم يفلح الشاب القروي المثقف أن يكون مع حزب، أو جهة ينقاد إليها وتحمي ظهره.

وبنبرة حزن يستدرك حديثه ” إنه صورة مختزلة لأبناء الفقر، ابناء القرى الذين ليس لهم أحد.

ويوضح القدسي أن يونس كان لديه أحلام كبيرة، الكتابة، السفر ، الهجرة إلى بلاد بعيدة، كان دوماً يحلم باللجوء، لكن كانت الظروف والخذلان أقوى منه.

ويتساءل القدسي كيف قضى يونس كل هذه الفترة في المعتقل، يونس الذي كانت تضيق به الحياة في الشوارع والأرصفة. فكيف وهو بمكان يعتبر فيه الذهاب إلى الحمام نزهة ؟ لهذه اللحظة لا استطيع أن اتخيل .
من لا يملك ثمن وجبة العشاء لا يمكن ان يكون عميل

ويؤكد القدسي في حديثه بأن يونس لا يمكن أن يكون عميل، أو خائن، أو يعمل لأي جهة خارجية، فالوضع الذي كان يعيشه لا يطاق، من لا يجد ثمن وجبة العشاء لا يمكن أن يكون عميلاً حد تعبيره.
ويرى القدسي انه لم يعد هناك معلومات تخص الوطن يمكن للفرد ان يتخابر بها، البلاد مكشوفة للأعداء، المخبرين الحقيقين الذين كانوا يتسكعون في أبواب السفارات في صنعاء قبل الحرب لم يتركوا شيئاً، باعوا كل شيء.

تعامل خارج إطار الدستور والقانون

ويرى المحامي عبد المجيد صبره ان جهاز الأمن والمخابرات لا توجد لديه اي آلية قانونية يتعامل بها مع قضية المعتقل يونس عبد السلام فكل تعامله مع القضية خارج إطار الدستور والقانون
وأكد صبره أن القضية لم تحال إلى القضاء وهذا ما يؤكد المخالفة الدستورية والقانونية للتعامل مع القضية كون الدستور اليمني يوجب على الجهة الأمنية ايا كانت إحالة أي معتقل لديها إلى القضاء خلال اربعه وعشرين ساعة وفقا لنص المادة 48 من الدستور
وأوضح المحامي صبره انه لم يتم السماح له بمقابلته وهذه ايضاً تعد مخالفة دستورية وقانونية , مشيرا الى أن اعتقال يونس لا يمت للدستور والقانون بأي صلة .

تكميم الأفواه

ويضيف تتعمد جماعة الحوثي بمحاكمة الصحفيين في المحكمة الجزائية المتخصصة(محكمة أمن الدولة ) بغرض إرهابهم وإسكات أصواتهم ويعد ذلك أيضا انتهاك جسيم لحرية الرأي والتعبير
وقال “محمد اسماعيل” المدير التنفيذي لمرصد الحريات الاعلامية في اليمن التابع لمركز الدراسات والاعلام الاقتصادي نحن نرصد باستمرار تزايد حالات الانتهاك و التضييق التي تمارسه جماعه الحوثي ضد الصحافة والصحفيين في مناطق سيطرتها ،وهو في الحقيقة ترجمة لسياسة ممنهجة تمارسها الجماعة منذ سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء , بعد خطاب زعيم الجماعة الذي وصف الصحفيين بالعدو رقم واحد .
وأوضح ” إسماعيل ” بأن جماعة الحوثي ضمت الصحفي المختطف يونس عبد السلام الي قائمة المعتقلين لديها وهو الرقم 11 دون أي اعتبار لوضعة الصحي الذي أكدته تقارير طبية عديده .
وأشار “إسماعيل” الى ملف الصحفي يونس عبد السلام الذي لم يتم إحالته للمحكمة منذ اعتقاله في بداية اغسطس من العام 2021 قبل ثمانية أشهر دليلاً واضحاً وصريحاً على أن الجماعة تتعامل مع الصحفيين كخصوم وأسرى حرب . مضيفاً نحن في مرصد الحريات الإعلامية نوكد مطالبتنا بالإفراج الفوري عن الصحفي يونس وجميع بقية الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي المعتقلين لديها .
اعتقال ثاني

ويوضح سلطان عبد السلام شقيق المعتقل يونس انه سبق وأن اعتقلته قوات الحزام الأمني في مدخل عدن قبل نحو سنة عندما حاول الدخول إلى عدن عدة مرات وكان يومها هناك حملات ضد المواطنين الشماليين مما دفعه لمشادات كلامية مع العساكر فقاموا بتكبيله وضربه بأعقاب البنادق ورميه في أحد الأقبية التابعة لهم في أبين مقيد اليدين والرجلين وتركوه على هذه الحالة لما يقارب 24 ساعة ولم يعطوه حتى شربة ماء.

ويتابع بعد ان ثارت مواقع التواصل الاجتماعي بالتضامن معه اجبروا على الافراج عنه تحت ضغط الحملات الالكترونية بعد يومين من الاختطاف , بعدها قاموا بتقديم الاعتذار بحجة انهم لم يكونوا على علم او يعرفوا أنه صحفي وحالته النفسية صعبة جدا. حينها كان في راسه مجروحاً .

ويحمل سلطان جماعة الحوثي مسؤولية ما يحدث له من مضاعفات نفسيه بعدم توفير العلاج المقرر له منذ تسعة أشهر
وكان الصحفي يونس عبد السلام قد اعتقل مساء الاربعاء بداية أغسطس من العام 2021 في احد شوارع صنعاء بعد خروجه للترويح عن نفسة بسبب حالته النفسية السيئة والاكتئاب الذي كان يلازمه فهو مصاب بـ ” الوسواس القهري” حسب تقرير الطبيب النفسي .

اليمن أسواء البلدان بالنسبة للصحفيين

وكان مرصد الحريات الاعلامية في اليمن قد رصد 86 حالة انتهاك لحرية التعبير في اليمن ضد أفراد ومؤسسات إعلامية، تورط فيها جماعة الحوثي والحكومة الشرعية بمكوناتها المختلفة إضافة الى 9 حالات سجلت ضد مجهول , ومن ضمن هذه الانتهاكات مقتل خمسة صحفيين في العام المنصرم 2021 .

بالإضافة الى رصد 20 حالة انتهاك تم رصدها خلال الربع الأول من العام الجاري 2022 منها حالة قتل واحده .
وما يزال 12 صحفي قيد الاعتقال منهم 11 صحفي معتقل لدى جماعة الحوثي وصحفي واحد لدى تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت .

وحسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة في العام 2021 م جاءت اليمن في المرتبة 19 من بين 180 دولة المندرجة ضمن أسواء البلدان قمعاً لحرية الرأي والتعبير.